أعزائي
بعضنا سمع وبعضنا لم يسمع عن رابعه العدويه
فلنقرأ هذا التقرير ونرى من هي
رابعه العدوية، بصرية، زاهدة، عابدة، خاشعة،
امرأة عاشت حياتها عكس سائر الناس،
انعزلت في دنيا التصوف بعيدة عن أمور الدنيا،
ألف الباحثون في تحديد هويتها وسيرة حياتها،
وقد مزجوها برابعةالشامية وهي صوفية من الشام جاءت بعد رابعة العدوية...
هي
الشخصية التي أول من عرف، ووضع معنى للحب الإلهي عند المسلمين،
وتأثر فيها الكثيرون
نسبها
كما ذكر أن آراء الباحثين لم تتفق على تحديد هوية رابعة،
فالبعض يرون أنها مولاة لآل عتيق، وآل عتيق بطن من بطون قيس،
والبعض الآخر يرون أن من آل عتيق بني عدوة ولذا تسمى العدوية.
وأما كنيتها فأم الخير..
وقيل إن اسم رابعة يعود إلى أنها ولدت بعد ثلاث بنات لأبيها،
عاشت في البصرة خلال القرن الثاني الهجري
وقد عمرت حوالي ثمانين عاماً.
نشأتها
ذكر المؤرخ الصوفي فريد الدين العطار في (تذكرة الأولياء) بأن رابعة:
ولدت في بيت فقير جداً، وتوفي أبوها وهي في مرحلة الطفولة،
ولحقت به أمها فذاقت رابعة مرارة اليتم الكامل،
وبذلك أطلق الشقاءعليها وحرمت من الحنان والعطف والحب
الابوي
بعد وفاة والديها غادرت رابعة مع أخواتها البيت بعد أن أصاب البصرة جفاف
وصل إلى حد المجاعة ثم فرق الزمن بينها وبين أخواتها،
وبذلك أصبحت رابعة وحيدة مشردة لا معيل لها ولا نصير
حياتها
اختلفت الآراء حول أن رابعة عاشت حياتها بلا بيت، وبلا مال، وبلا زواج ،
غير أنه يبدو أن رابعة كانت مولاة،
وكانت تعزف الناي ثم كانت مغنية، (هذا ما قاله العطار)، وأنها كانت على قدر من الجمال والحسن،
وقد نقل اليافعي نص بعض الصالحين"
خطر لي أن أزور رابعة العدوية -رضي الله تعالى عنها -
وأنظر أصادقة هي في دعواها أم كاذبة، فبينما أنا كذلك،
وإذا بفقراء قد أقبلوا ووجوههم كالأقمار ورائحتهم كالمسك، فسلموا علي وسلمت عليهم. وقلت: من أين أقبلتم؟
فقالوا: يا سيدي حديثنا عجيب. فقلت لهم: وما هو. فقالوا نحن من أبناء التجار الممولين.
فكنا عند رابعة العدوية - رضي الله عنها - في مصر (ولعلها البصرة) فقلت: وما سبب ذهابكم إليها فقالوا:
كنا ملتهين بالأكل والشرب في بلدنا.
فنقل لنا حسن رابعة العدوية وحسن صوتها.
وقلنا لابد أن نذهب إليها ونسمع غناءها وننظر إلى حسنها،
فخرجنا من بلدنا إلى أن وصلنا إلى بلدها؛ فوصفوا لنا بيتها، وذكروا لنا أنها قد تابت.
فقال أحدنا: إن كان قد فاتنا حسن صوتها وغنائها، فما يفوتنا منظرها وحسنها. فغيرنا حليتنا، ولبسنا الفقراء، وأتينا إلى بابها.
فطرقنا الباب فلم نشعر إلا وقد خرجت، وتمرغت بين أقدامنا وقالت: لقد سعدت بزيارتكم لي
فقلنا لها: وكيف ذلك. فقالت: عندنا امرأة عمياء منذ أربعين سنة، فلما طرقتم الباب قالت: إلهي وسيدي بحرمة هؤلاء الأقوام الذين طرقوا الباب إلا ما رددت علي بصري.
فرد الله بصرها في الوقت. قال: فعندها نظر بعضنا إلى بعض وقلنا أترون إلى لطف الله بنا،
لم يفضح سريرتنا فقال الذي أشار علينا بلبس الفقراء: والله لا عدت أقلع هذا اللباس من علي.
وأنا تائب إلى الله - عز وجل - على يدي رابعة فقلنا له
ونحن وافقناك على المعصية،
ونحن نوافقك على الطاعة والتوبة فتبنا كلنا على يديها.
وخرجنا عن أموالنا جميعها، وصرنا فقراء- كما ترى".
تصوفها
دخلتطريق العباد والزهاد..طريق البكاء والخوف،
وطريق التهجد في الليالي الطوال، فكانت تحضرحلقات المساجد والأذكار
فاتخذت حياتها في حلقات الذكر والوعظ والإرشاد ومغالبة النفس،
فتعرفت على (حيونه) عابدة من أكبر عابدات البصرة،
هذه المرأة أثرت في رابعة أشد التأثير، فكانت رابعة تزورها
وتقضي الليل معها، فتخلوا بنفسها وتنشد
راحتي يا إخوتي في خلوتي
وحبيبي دائماً في حضرتي
لم أجد لي عن هواه عوضا
وهواه في البرايا محنتي
حيثما كنت أشاهد حسنه
فهو محرابي، إليه قبلتي
إن أمت وجداً وما ثم رضا
وأعنائي في الورى! وأشقوتي
أحوالها
وقد أكدت خادمتها التي لازمتها طوال حياتها، عبدة بنت أبي شوّال، إذ قالت:
" كانت لرابعة أحوال شتى: فمرة يغلب عليها الحب، ومرة يغلب عليها اليأس،
وتارة يغلب عليها البسط،
ومرة يغلب عليها الخوف"...
ولكن العشق الإلهي كما رأينا يبقى طابعها المميز،
ورائدها في تصوفها.
فهذه أبيات في إنشادها العشق الإلهي:
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب.
وموضوعها يطول ويطول وقد اختصرته لكم منعا للملل ولو هو موضوع جميل لا يُمَلُ منه